بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .. واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين..
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني)
فاطمة الزهراء عليها السلام
إنه اسم عظيم ومقدس.. ارتبطت به العظمة والقداسة منذ أن ارتبط هذا الإسم بشخصية هذه السيدة الطاهرة بنت رسول الله ورحمة للعالمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقدسيتها عليها السلام ذاتية.. نابعة من أعماق كيانها النوراني الذي فطرها الله عليها.. وعجنها بها حتى تأهلت لذلك أن تنال وسام سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين من أبينا آدم عليه السلام إلى قيام يوم الدين.. فهي سلام الله عليها بهرت العقول والألباب.. وخسأت الأنظار والأبصار عندما أرادت أن تتطلع على عظمتها.. وترنو إلى جلالها.. لتعرف من هي فاطمة الزهراء عليها السلام.. فإنه لا أحد يعلم من هي إلا ربها وأبوها وبعلها وبنوها الأئمة الأطهار عليهم السلام يكفيها فخراً قوله تبارك وتعالى لوالدها: (يا محمد لولاك لما خلقت الأفلاك ولولا علي لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما)
معلومات عن الزهراء عليها السلام
ألقابها المعروفة: الزهراء .. البتول.. الحورية.. الإنسية.. الطاهرة.. المحدثة.. الصديقة..الراضية..الكوثر.....................
كنيتها: أم الحسنين.. أم أبيها.. أم الأئمة..
والدها: خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم
والدتها: المجاهدة العظيمة والمسلمة الأولى خديجة بنت خويلد
ولادتها: ولدت عليها السلام بعد المبعث بخمس سنوات
زوجها: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
أولادها: الإمام الحسن.. الإمام الحسين.. زينب.. أم كلثوم.. المحسن الذي أسقط في حادثة الهجوم على دار فاطمة عليها السلام..
شهادتها: استشهدت عليها السلام بين صلاتي المغرب والعشاء في 15 أو 13 جمادي الأولى أو 3 من جمادي الثانية .. في السنة الحادية عشرة من الهجرة عن عمر يناهز الثماني عشرة سنة في المدينة المنورة على رواية ..
زهرت السماوات السبع بنور فاطمة قبل أن يخلق الله الخلق
إرشاد القلوب: مرفوعاً إلى سلمان الفارسي عليه السلام قال: "كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد إذ دخل العباس بن عبد المطلب فسلم.. فرد النبي صلى الله وآله وسلم ورحب به.. فقال: يا رسول الله! بم فضّل الله علينا أهل البيت والمعادن واحدة؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:إذاً أخبرك يا عم! إن الله خلقني وخلق علياً.. ولا سماء ولا أرض .. ولا جنة ولا نار.. ولا لوح ولا قلم.. فلما أراد الله عز وجل بدو خلقنا فتكلم بكلمة كانت نوراً.. ثم تكلم بكلمة ثانية فكانت روحاً .. فمزج فيما بينهما فاعتدلا.. فخلقني وعلياً منهما .. ثم فتق من نوري نور العرش.. فأنا أجل من نور العرش .. ثم فتق من نور علي نور السماوات.. فعلي أجل من نور السماوات.. ثم فتق من نور الحسن نور الشمس.. ومن نور الحسين نور القمر.. فهما أجل من نور الشمس ونور القمر..
وكانت الملائكة تسبح لله وتقدسه وتقول في تسبيحها: سبوح قدوس من أنوار ما أكرمها على الله تعالى.. فلما أراد الله تعالى أن يبلو الملائكة أرسل عليهم سحاباً من ظلمة.. وكانت الملائكة لا تنظر أولها من آخرها.. ولا آخرها من أولها.. فقالت الملائكة: إلهنا وسيدنا! منذ خلقتنا رأينا مثل ما نحن فيه! فنسألك بحق هذه الأنوار إلا ما كشفت عنا.. فقال الله عز وجل: وعزتي وجلالي لأفعلن .. فخلق نور فاطمة الزهراء عليها السلام يومئذ كالقنديل وعلقه في قرط العرش.. فزهرت السماوات السبع .. ومن أجل ذلك سميت الزهراء وكانت الملائكة تسبح الله وتقدسه .. فقال الله عز وجل: وعزتي وجلالي لأجعلن ثواب تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم القيامة لمحبي هذه المرأة وأبيها وبعلها وبنيها..
كيفية انعقاد نور الزهراء عليها السلام
بينما كان النبي (ص) بين مكة ومنى نزل عليه جبرئيل (ع) فناداه: يا محمد العلي الأعلى يقرأ عليك السلام وهو يأمرك أن تعتزل عن خديجة أربعين صباحاً.. فشق ذلك على النبي (ص) وكان محباً له حباً جماً.. فأقام النبي (ص) أربعين يوماً يصوم النهار ويقوم الليل .. فلما كان في كمال الأربعين هبط جبرئيل (ع) فقال: يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام وهو يأمرك أن تتأهب لتحيته وتحفته.. قال النبي (ص): يا جبرئيل وما تحفة رب العالمين وما تحيته؟ قال جبرئيل: لا علم لي.. فبينما النبي (ص) كذلك إذ هبط ميكائيل ومعه طبق مغطى بمنديل سندس فوضعه بين يدي النبي (ص) .. فأقبل جبرئيل على النبي (ص) وقال: يا محمد يأمرك ربك أن تجعل الليلة إفطارك على هذا الطعام.. فكشف النبي (ص) الطبق فكان عذق من رطب وعنقود من عنب.. فأكل النبي (ص) منه شبعاً ومد يده للغسل فأفاض الماء عليه جبرئيل وغسل يده ميكائيل فارتفع فاضل الطعام مع الإناء إلى السماء.. ثم قام النبي (ص) ليصلي فأقبل عليه جبرئيل فقال: الصلاة محرمة عليك في وقتك حتى تأتي إلى منزل خديجة.. فإن الله عز وجل آلى على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرية طيبة فوئب رسول الله (ص) إلى منزل خديجة.. قالت خديجة (ع): فقمت فرحةً وفتحت الباب ودخل النبي (ص).. وتحلف السيدة خديجة (ع) قائلة: فلا والذي سمك السماء وأنبع الماء.. ما تباعد عني النبي (ص) حتى أحسست بثقل فاطمة عليها السلام في بطني..
(منتقى الدرر.. ص 261 – أنوار البهية ص 55)
ميلاد فاطمة الزهراء عليها السلام
في أثناء حمل خديجة (ع) بالزهراء .. كانت الزهراء تكلم والدتها وهي في بطنها فتأنس خديجة بحديث ابنتها وتترقب الأيام .. حتى جاء وقت الإنجاب وكانت خديجة بأمس الحاجة إلى من تساعدها من النساء.. وفجأة دخل عليها أربع نسوة سمر طوال .. كأنهن من نساء بني هاشم.. ففزعت منهن لما رأتهن.. فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة.. فإنا رسل ربك إليك ونحنأخواتك .. أنا سارة زوجة إبراهيم الخليل.. وهذه آسية بنت مزاحم التي قتلها فرعون وهي رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثم أخت موسى بن عمران.. بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء .. فجلست واحدة عن يمينها وأخرى عن شمالها والثالثة بين يدها والرابعة من خلفها.. فوضعت فاطمة (ع) طاهرة مطهرة .. فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة .. فنطقت بالشهادتين وقالت: (أشهد أن لا إله إلا الله وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء.. وأن بعلي سيد الأوصياء وولدي سادة الأسباط).. ثم سلمت عليهن وسمت كل واحدة منهن باسمها وأقبلن يضحكن إليها فبشر أهل السماء بعضهن بعضاً بولادة فاطمة (ع) .. وقالت النسوة خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة .. بورك فيها وفي نسلها.. فتناولتها فرحة مستبشرة.. ولقد رأت السيدة خديجة في وليدتها فاطمة أنها صورة من أبيها العظيم.. فسرها ذلك الشبه الكبير وشكرت الله على نعمته وفضله..
بداية حياتها مع أبيها رسول الله (ص)
فتحت الزهراء عينها في وجه الحياة لتشاهد وجه أبيها الرسول وترضع من أمها السيدة خديجة الحليب الممزوج بالفضائل والكرم .. وكانت عليها السلام تنمو في بيت الوحي وتنبت من مهبط الرسالة نباتاً حسناً.. يعلمها أبوها الرسول (ص) العلوم الإلهية.. ويفيض عليها المعارف الربانية.. ويدرسها أحسن دروس التوحيد.. وأرقى علوم الإيمان.. وأجمل حقائق الإسلام.. ويربيها أفضل تربية وأحسنها.. إذ وجد الرسول في ابنته المثالية كامل الاستعداد لقبول العلوم ووعيها.. ووجد في نفسها الشريفة الطيبة كل الروحانية والنورانية والتهيؤ لصعود مدارج الكمال..
(فاطمة الزهراء من قبل الميلاد إلى ما بعد الاستشهاد ص 17)
الزهراء (ع) تقاسم أباها آلام الرسالة
تقاسمت فاطمة الزهراء (ع) والدها الرسول (ص) آلام الرسالة .. فإنها (ع) فتحت غينيها في وجه الحياة وإذا بها ترى أباها خائفاً.. يحاربه الأقربون والأبعدون.. ويناوئه الكفار والمشركون.. فعندما نشر ذلك السفيه على رسول الله (ص) ذلك التراب بعد وفاة أبي طالب رحمه الله دخل رسول الله (ص) بيته والتراب على رأسه .. فقامت إليه الزهراء (ع) فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي ورسول الله (ص) يقول لها: "لا تبكي يا بنيه فإن الله مانع أباك"...
وإنها عليها السلام حضرت يوماً فنظرت إلى أحد المشركين وهو يفرغ سلا الناقة..(وهو الكيس الذي يتكون فيه الجنين) على ظهر أبيها الرسول وهو ساجد.. وكانت الزهراء تشاهد ذلك المنظر المؤلم.. وتمسح ذلك عن ظهر أبيها وثيابه.. واشتدت الأزمة وزادت المحن حتى اضطر الرسول (ص) أن يختفي في شعب أبي طالب.. ورافقته عائلته.. وآل أبي طالب ..إلى ذلك المكان.. وكنوا يعيشون في جو من الإرهاب الشديد.. ففي كل ليلة يتوقعون هجوم المشركين عليهم وخاصة بعد أن كتب المشركون إليهم الصحيفة القاطعة.. وحاصروا بني هاشم حصاراً اقتصادياً فلا يبيعون ولا يشترون شيئاً .. حتى المواد الغذائية.. بل ومنعوا ايصال الطعام إليهم.. فاستولى الجوع عليهم وطالت المدة ثلاث سنين وشهوراً.. وكانت السيدة فاطمة (ع) من الذين شملتهم هذه المواساة..
(فاطمة الزهراء من قبل الميلاد إلى ما بعد الاستشهاد ص 18- منتقى الدرر ص 265)
الرئيسية 