تسليح الجيش يتطلّب 5 مليار دولار وسوق السلاح المتاح ايراني...
فيما أثنى معظم الفرقاء علنا على خطوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان باطلاق حملة تسليح الجيش اللبناني وفتح حساب خاص لهذه الغاية في مصرف لبنان، كان معظم هؤلاء يرددون في مجالسهم الخاصة أن هذه الخطوة لا تتعدى كونها فولوكلورية وأن الرئيس حين أقدم عليها أراد تسجيل نقاط وزيادة رصيده الشعبي.
نية الرئيس سليمان واضحة في هذا المجال لجهة ايمانه بهذه القضية وهو ابن المؤسسة العسكرية التي لا زال يرعاها بعطف أراد أن يحوله منفعة لها، الا أن الاقدام على هذه الخطوة بهذا الشكل وبهذا التوقيت يطرحان أكثر من علامة استفهام حول امكانية تحقيق الهدف انطلاقا من خطوة ناقصة، فلا الظروف مناسبة ولا التوقيت خاصة في ظل غياب التوافق على الاستراتيجية الدفاعية التي يتوجب أن تكون نقطة الارتكاز للانطلاق في بناء مؤسسة عسكرية فاعلة تواجه عدوا هو الأشرس والأكثر تطورا في الشرق الأوسط.
اطلاق حملة تسليح الجيش هروب الى الأمام
المحلل والمراقب السياسي سركيس أبو زيد وصف اطلاق حملة تسليح الجيش من خلال حساب مصرفي بـ"المزحة" معتبرا انّها "خطوة لا تتعدى كونها فولوكلورية" لافتا الى أن "هناك جانبا ايجابيا في الموضوع من دون مسوّغ عملي أو جدي".
ورأى أبو زيد أن "الجيش سياج الوطن وبالتالي تسليحه لا يتم بالتبرع بل يخصص له جزء من الموازنة العامة" وأضاف: "فليتم ترشيد الانفاق ومحاربة الفساد وعندها نكون بغنى عن أي تبرعات". وسأل "في حال تأمنت الأموال هل سوق السلاح مؤمن؟" معتبرا أنّه "وفي ظل غياب القرار السياسي الواضح في هذا الخصوص لا امكانية للتسلح لأن الفيتو الاسرائيلي والأميركي دائما موجود فلا توازن عالمي اليوم كما كان حاصلا في الفترة الماضية أيام الاتحاد السوفياتي يمكننا من الحصول على السلاح من مصادر مختلفة خاصة في ظل رفض بعض اللبنانيين هبات الأسلحة من سوريا وايران".
وشدّد أبو زيد على "ضرورة تحرير القرار السياسي من الممنوعات ورفع الفيتو على نيل الاسلحة والعتاد من أينما أتوا" وأضاف: "يجب أن نبدأ بأخذ خيار لجهة أي استراتيجية دفاعية نريد. الظروف الدولية والاقليمية تجعل من المقاومة الاستراتيجية الوحيدة المتاحة والأفعل في مواجهة العدو فدعونا نلتف حول المقاومة ولا نعتمد أسلوب الهروب الى الأمام بالدعوة لتسليح الجيش".
ودعا أبو زيد لاتخاذ موقف لبناني واضح من التهديد الأميركي بوقف المساعدات للجيش اللبناني مشددا على أنّه "وفي حال أردنا الانطلاق في مسيرة تقوية المؤسسة العسكرية فيجب البدء باعادة الخدمة العسكرية الالزامية وباعتماد التنشئة الوطنية اللازمة".
الخدمة العسكرية نقطة الانطلاق...
رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة العميد المتقاعد هشام جابر وافق أبو زيد على أن نقطة الانطلاق لتسليح الجيش ودعم المؤسسة العسكرية يجب أن تكون من خلال اعادة الخدمة العسكرية الالزامية لتأمين العديد فهي وبحسب جابر كانت تدخل الى المؤسسة العسكرية سنويا ما بين 8000 و 10000 شاب واضاف: "أكبر خطأ تم اقترافه هو الغاء الخدمة العسكرية اذ وقعنا في مشكلة العديد فلا ميزانية تشجّع الشباب للانخراط كما أن التوازن الطائفي بات مهددا لأن المسيحيين يتفادون الانضمام الى السلك العسكري".
ولفت جابر الى ان "كل دولة في العالم تسلّح جيشها بناء على عدو محتمل وفي لبنان عدونا الرسمي منذ العام 1948 هو اسرائيل لذلك فمهة الجيش اللبناني الدفاع عن الارض ضد اسرائيل وحفظ الأمن الداخلي" واضاف: "بعد تحديد العدو يجب وضع استراتيجية دفاعية واضحة المعالم نواتها الجيش وقوى أخرى تساهم بالدفاع عن الوطن منها المقاومة".
وفيما خصّ العتاد شرح جابر أن عمر السلاح اللبناني أكثر من 25 عاما ومعظمه سلاح اميركي وأضاف: "سلاحنا قبل العام 1980 كان 70% منه فرنسي وبعد الثمانينيات وبالتحديد بعد العام 1983 أصبح 70% منه أميركي، 25% فرنسي و 5% سوفياتي من سوريا". ولفت الى أن "كل ما أتانا بعد اتفاق الطائف ناقلات جنود وبعض أجهزة الاتصال بغياب السلاح الثقيل ومضادات الدروع".
وقال جابر: "بحرا، يلزمنا قوى خفر سواحل وسلاح بحري يحمي شواطئنا كما نحتاج لأسلحة مضادة للدروع وأخرى مضادة للطائرات بالاضافة للسلاح الخفيف الحديث والمدفعية والهيليكوبتر".
تسليح الجيش يتطلب 5 مليار دولار...
وكشف جابر أن "مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات أجرى دراسة تبين من خلالها أن تسليح الجيش يلزمه بالحد الأدنى 5 مليار دولار وهو المبلغ الذي ندفعه كفائدة على الديون لذلك ولو تمت جدولة هذه الديون والتفاوض على دفع الفائدة لأمّنا قسما كبيرا من الأموال. كما أن 10% من الضرائب TVA يمكن أن يخصص 1% منها لصندوق الجيش بالاضافة الى اصدار طابع بريدي خاص بالمؤسسة العسكرية فنكون بالنهاية عندها قد أمنا كل الأموال اللازمة".
وعدد جابر الاسلحة الممنوعة على لبنان: "صواريخ أرض-أرض، أرض-بحر، أرض-جو" كما يُسمح لنا اقتناء دبابات ولكن على شرط أن تكون متخلفة بجيلين عن الدبابات الاسرائيلية".
سوق السلاح المتاح ايراني...
أما بما خص سوق السلاح، فشدّد جابر على أن "الجنود اللبنانيين جاهزون للتأقلم مع أي سوق والتدرب على اسلحته حتى السوق الروسي والصيني" لافتا الى أن "السلوك التهديدي الذي تعتمده أميركا مع لبنان يرميه بأحضان السوق الايراني فيتحول للسوق الوحيد المتاح حاليا".
الرئيسية