تكنولوجيا اسرائيل العسكرية لن تنفعها في لبنان
الخبر كان لافتاً في الشكل والمضمون، والترويج له كان محقاً لابراز مدى تقدم اسرائيل على صعيد التكنولوجيا الحربية ومقارعتها الدول الكبرى في هذا المجال. فقد اعلن في اسرائيل عن تمكن شركة محلية من تصنيع طلاء فريد من نوعه يسمح باخفاء الطائرات والصواريخ عن شاشات الرادار، او بمعنى اكثر دقة، يجعل من الصعب جداً على الرادارات كشفها، وقيل ان تجربة هذا الطلاء تمت بنجاح.
ليس سراً ان اسرائيل تتفوق في مجال التكنولوجيا العسكرية على غيرها من الدول في المنطقة، وليس سراً ان "حزب الله" يدرك هذا الامر ويواجهه كما فعل في حرب تموز 2006، عبر الوسائل التقليدية، ومنها على سبيل المثال شبكة الهاتف الارضي البعيدة كل البعد عن الالكترونيات والكومبيوترات والسنترالات المتصلة بالانترنت والاقمار الصناعية، وقد اثبتت هذه الطريقة جدواها حتى الآن.
وفي السياق نفسه، علّقت مصادر قريبة من "حزب الله" على موضوع الطلاء الاسرائيلي، فاعتبرت انه سيثير من دون شك اهتمام دول عديدة في اوروبا ومختلف انحاء العالم، لكنه لن يثير اهتمام اسرائيل في لبنان، لانها تدرك تماماً ان لبنان لا يملك اولاً رادارات متطورة او نصف متطورة على الاقل لرصد الطائرات والصواريخ، الا انه يملك قوة بديلة تحمل معها عنصر المفاجأة واستغلال المناطق الجغرافية بأفضل الطرق الممكنة وبشكل يصعب معه على اسرائيل الاستفادة من تقدمها التكنولوجي في المجال العسكري.
وتضيف المصادر نفسها ان الحزب يتابع بدقة كل ما يقوم به الجيش الاسرائيلي على الصعيدين الميداني والنظري وانه يضع الخطط المناسبة لمواجهة اي سيناريو محتمل متسلحاً بالاسلحة التي يملكها وبعضها متطور، وبقدرته على الاعتماد على ما ارتكزت عليه الميليشيات في مواجهة الجيوش المنظمة عبر التاريخ ونجحت فيه اي اساليب القتال غير التقليدية باعتماد الوسائل التقليدية في الاتصال والتواصل والتنظيم.
وعليه، ترى المصادر ان الترويج الاسرائيلي لما تم التوصل اليه في مجال التفوق على الرادارات يصلح للتهويل لدول اخرى انما لا يمكن استعماله للتهويل على لبنان الذي لن يؤثر الطلاء على طريقته في القتال مع العدو عندما يكون هناك من مواجهة عسكرية، وان الكلام الاخير يقال بعد انجلاء غبار المعارك وليس قبل ذلك.
وتشير المصادر الى وجوب الاعتراف بقدرة العدو على استعمال التكنولوجيا غير العسكرية في حربه على لبنان وذلك عبر شبكات الانترنت او تزويد عملائه بالتجهيزات المتطورة من آلات تصوير واجهزة ارسال وغيرها، وهو اثبت انه موجود على الساحة اللبنانية بقوة، لذلك يجب اعتماد الحذر الدائم وعدم الاكتفاء بما تم انجازه حتى اليوم في قضية كشف شبكات التجسس لان المسألة لم تنته بعد، مقدرة الجهود التي تبذلها القوى الامنية في هذا المجال.
ولفتت المصادر الى ان اسرائيل تعيش بالفعل حالة قلق من قدرة "حزب الله" وعدم كشفها لما يخطط له من سيناريوهات في حال اندلاع مواجهات في المستقبل، بدليل ما يتداوله كبار جنرالات الجيش الاسرائيلي من قلق وتخوف من وصول عناصر الحزب الى داخل اسرائيل ان عبر الانفاق او عبر عمليات برية نوعية، ما ينقل المعركة الى العمق الاسرائيلي، كما ان الخرائط التي تم كشفها ليست دقيقة ويكفي القول انها لو كانت كذلك لما كشفوها ولكانوا استخدموها كبنك للمعلومات لضرب "الاهداف" بدقة، فهل يمكن لاحد ان يصدق انهم سيقدمون خدمة لـ"حزب الله" باطلاعه على المعلومات التي بحوزتهم؟
الرئيسية