[size=18]بثت القناة العاشرة الإسرائيلية بُعيد جريمتي كترمايا تقريراً لمعلق الشؤون العربية في القناة، تسفي يحزقيلي، أظهر فيه دليلاً إضافياً على الجهل المركّب أو استغلال جهل المشاهدين الإسرائيليين، تجاه المواضيع التي يقول إنه مختص فيها
يحيى دبوق
عرضت القناة العاشرة الإسرائيلية تقريراً لتسفي يحزقيلي، يركز على حادثة بلدة كترمايا الشوفية، وتحديداً إقدام عدد من الأهالي على قتل المشتبه فيه بالجريمة التي ارتُكبت في البلدة، وهو مصري الجنسية. وجاء في تقرير هذا «الخبير في الشؤون العربية»، كما تصفه القناة، الآتي:
«إليكم حادثة (في لبنان) تشير إلى مدى التوتر في المنطقة والتوتر الواضح والمعروف بين حزب الله ومصر. ففي الأسبوع الماضي، شُنق مواطن مصري في قرية شيعية، وهنا يمكننا أن نرى جثته معلقة داخل هذه القرية الشيعية، والسبب هو أنه اغتصب فتاة من القرية، وقتل أباها وأمها وحفيدة العائلة، والجاني المصري اعتقلته الشرطة اللبنانية التي لم تستطع حمايته، ولدى إعادته إلى القرية كي يقوم بتمثيل جريمته، أقدم أهالي القرية على شنقه وتعليقه على عمود الكهرباء، ما سبّب أزمة دبلوماسية بين مصر ولبنان».
حديث يحزقيلي يتعلق بقرية كترمايا الشوفية، والجريمة التي وقعت فيها، وإقدام الأهالي على قتل المتهم بها. لكن المعلق الإسرائيلي، كعادته، طلباً لإثارة المشاهدين، خلط بين الحقائق والتخيلات وما يراه مناسباً للفت أنظارهم، إذ يشير إلى أن كترمايا شيعية، ويلمّح إلى أن أحد الأسباب وراء قتل المواطن المصري، هو التوتر بين حزب الله ومصر، فضلاً عن ارتكابه الجريمة نفسها.
بالطبع، لا يدرك المشاهد الإسرائيلي العادي، وغير العادي أيضاً، أن قرية كترمايا ليست شيعية، وأن لا علاقة للحادثة وقتل المواطن المصري بما يسمّيه التوتر القائم بين مصر وحزب الله، لكنه أوجد في أذهان المشاهدين الإسرائيليين علاقة بين هذه الجريمة والتوتر الذي تحدث عنه، وأن الانتقام جاء على خلفية هذا التوتر. ولا يحتاج التقرير إلى كثير من التعليق، فهو واضح في إظهار أمر من أمرين: إما جهل يحزقيلي، كخبير في المادة التي يعرضها، أو استغلاله لجهل المشاهد الإسرائيلي.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يعمد فيها هذا الخبير، الذي يدير مكتب القناة للشؤون العربية، إلى استغلال جهل المشاهدين في إسرائيل. ورد في السنوات الماضية أكثر من شاهد على ذلك. على سبيل المثال، علق يحزقيلي على حديث شهير للفنانة هيفاء وهبي، التي أعربت عن تأييدها للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وتحديداً بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، إذ قالت إن «للسيد حسن نصر الله الدور الكبير، ليس في الحرب فحسب، بل في الدفاع عن شرف لبنان وحدوده»، وقال يحزقيلي، معلقاً على كلامها: «من الطبيعي أن تؤيّد هيفاء وهبي حسن نصر الله، لأنهما من القرية نفسها في جنوب لبنان، البازورية، وهما في الأساس ابنا عمومة»، علماً بأن وهبي من قرية محرونة الجنوبية، وليست من البازورية، مسقط رأس السيد نصر الله، ولا تربطها به أية قرابة عائلية.
في أحد تقاريره التي تنمّ عن جهله، يتحدث يحزقيلي عن تلفزيون الـNBN، باعتباره إحدى قنوات التلفزة التي يملكها موارنة من لبنان. وفي تقرير آخر يتحدث عن الضباط اللبنانيين الأربعة الذين كانوا معتقلين على خلفية جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ويقول إن اثنين منهما سُنيان، والآخرين مسيحيان. وللاستزادة أيضاً، يقول في أحد تقاريره إن المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي، هو رئيس جهاز الاستخبارات اللبنانية، والسُّبحة تطول.
والأغرب من ذلك، هو طريقة تقديم يحزقيلي تقاريره، فهو يتحدّث بأسلوب الواثق ونبرته، مع سرعة في الكلام، تثير الضحك والسخرية.
في موازاة القناة العاشرة، يعمل في القناة الأولى عوديد غرانوت، وفي القناة الثانية، إيهود يعري، وهما خبيران بالشؤون العربية، ويُعَدّان مخضرمين، وهما أكثر جدية ومهنية من يحزقيلي بما لا يقبل النقاش، ويمكن القول إنهما على نقيضه، لديهما اطلاع واسع نسبياً، على التفاصيل الداخلية في العالم العربي، وما يرتبط به.
المفارقة في كل ذلك، أن القناة العاشرة الإسرائيلية من القنوات الأكثر جدية ومهنية من بين القنوات الإسرائيلية الأخرى، ويعمل لديها عدد كبير من المحللين والمعلقين أصحاب مهنة واحترافية عالية، ومنهم محلل الشؤون العسكرية في القناة، ألون بن دافيد، ومحلل الشؤون السياسية رفيف دروكر، ومحلل الشؤون الأمنية والسياسية عوفر شيلح، وغيرهم كثيرون. ووجود هؤلاء إلى جانب يحزقيلي أمر مستغرب ومثير للدهشة، وقد يكون السبب جهل إدارة القناة العاشرة بيحزقيلي، أو تغليبها إثارة المشاهد الإسرائيلي على حساب المهنية والصدقية المفترضة. إنها عيّنة من عيّنات عديدة، يشاهدها الإسرائيليون على شاشات تلفزتهم.[/size]
المصدر جريدة الاخبار العدد الاثنين 10 ايار 2010
الرئيسية